الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد
معنى المسح على الجبيرة
المسح هو إمرارُ اليدِ المبتلَّةِ بلا تسييلٍ ( معجم التعريفات للجرجاني ص ١٧٨)
الجَبيرة (لغة) هي التي تُربط على الجرح وهي العيدان التي تجبر بِها العظامُ جمعها الجبائر. «التعريفات الفقهية» (ص69)
وفي الاصطلاح لا يخرج استعمال الفقهاء له عن المعنى اللغوي، إلا أن المالكية فسروا الجبيرة بمعنى أعم فقالوا: الجبيرة ما يداوي الجرح سواء أكان أعوادا، أم لزقة، أم غير ذلك.
«الموسوعة الفقهية الكويتية» (15/ 106)
ولا فَرْقَ بينَ كَوْنِ الشَّدِّ على كَسْرٍ أو جُرْحٍ
قال ابن قدامة: (فصل) ولا فَرْقَ بينَ كَوْنِ الشَّدِّ على كَسْرٍ أو جُرْحٍ، قال أحمدُ: إذا تَوَضَّأَ، وخَافَ على جُرْحِهِ الماءَ، مَسَحَ على الخِرْقَةِ….. وكذلك إنْ وَضَعَ على جُرْحِهِ دَوَاءً، وخَافَ مِنْ نَزْعِه، مَسَحَ عليه. نَصَّ عليه أحمدُ.
«المغني» لابن قدامة (1/ 357)
لذالك نقول بأن الجبيرة في موضوع المسح يشمل ما صنع من أعواد، أم لزقة، أم ها وعلى كسر أم جرح. والله أعلم.
حكم المسح على الجبيرة
يجوز المسحُ على الجَبيرةِ في الوضوءِ، أو الغُسلِ، أو التيمُّم، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة؛ وذلك لأنَّ الموضِعَ المُصابَ مَستورٌ بما يَسوغُ سترُه به شَرعًا، فجاز المسحُ عليه كالخفَّينِ. ( https://dorar.net/feqhia/382 )
والأصل في ذلك
ما ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: «انكسرت إحدى زندي فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أمسح على الجبائر» (أخرجه ابن ماجه (1 / 215) وقال الألباني: ضعيف جدا، وقال البيهقي في " السنن الكبرى " (1 / 228) " ولا يثبت في هذا الباب شيء)
وروى جابر رضي الله عنه أن رجلا أصابه حجر فشجه في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قتلوه قتلهم الله. ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب (أخرجه أبو داود (1 / 239 - 240 - ط عزت عبيد الدعاس) والدارقطني (1 / 189 - 190 - ط شركة الطباعة الفنية) والبيهقي (1 / 228 - ط دار المعرفة) من حديث جابر. وضعفاه)
ولأن الحاجة تدعو إلى المسح على الجبائر؛ لأن في نزعها حرجا وضررا (المغني 1 / 277 - 278)
«الموسوعة الفقهية الكويتية» (15/ 107 - 108)
شروط المسح على الجبيرة
يشترط الجواز المسح على الجبيرة ما يلي:
١ - أن يخشى حدوث الضرر بنزعها.
٢ - أن لا يكون غسل الأعضاء الصحيحة يضر بالأعضاء الجريحة، فإن كان يضر بها فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه يمسح لها.
۳ - لبسها بعد كمال الطهارة
وهذا الشرط اختلف فيه أهل العلم، فالصحيح المشهور في مذهب الشافعية وهو إحدى الروايتين عن أحمد أنه يشترط أن تكون الجبيرة موضوعة على طهارة مائية، فإن خالف ووضعها على غير طهارة وجب نزعها، فإن خاف الضرر بنزعها مسح عليها ويقضي لفوات شرط وضعها على طهارة.
والصحيح أنه لا يشترط الطهارة للجبيرة، وهذه هي الرواية الأخرى في مذهب الحنابلة واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ ابن العثيمين وذلك لما يلي:
١- أنه لا دليل على اشتراط الطهارة لها.
٢ - أنها تأتي مفاجأة وليست كالخف متى احتيج لها لبست.
(الفقه الميسر قسم العبادات 96 - 97)
ذكر بعض الفروق بين الجبيرة والخف يفارق المسح على الجبيرة المسح على الخفين من وجوه منها :
١- أن المسح على الجبيرة حال الضرورة، أما الخف فبخلاف ذلك.
٢- أن المسح على الجبيرة مؤقت بزوال سببها، بخلاف الخف فإنه مؤقت بالأيام على تفصيل ذكرناه سابقا.
۳ - الجبيرة لا يشترط لها الطهارة على القول الراجح كما ذكرنا، بخلاف الخف فيشترط له الطهارة.
٤- الجبيرة يمسح عليها في الطهارتين الكبرى والصغرى، بخلاف الخف فيجب نزعه في الطهارة الكبرى.
ه - يجب استيعاب الجبيرة بالمسح على الصحيح من قولي العلماء، بخلاف الخف فلا يجب، بل يكفي المسح على أكثره كما ذكرنا سابقا في صفة المسح.
انظر «المغني» لابن قدامة (1/ 356)
صفة المسح على الجبيرة
إذا أراد واضع الجبيرة أن يمسح عليها في طهارة فإنه يفعل ما يلي:
١- يغسل الصحيح من أعضائه.
٢- يمسح على الجبيرة.
۳ - لكن هل يستوعب المسح جميع الجبيرة أم يكفي أكثرها كالخف؟ خلاف بين العلماء:
أ- فالمالكية والحنابلة وهو الأصح عند الحنفية أنه يجب استيعاب مسح الجبيرة.
ب - أما عند الشافعية ففيه وجهان مشهوران أصحهما يجب الاستيعاب، والثاني يجزئه ما يقع عليه الاسم.
والصحيح هو وجوب استيعاب الجبيرة عند المسح عليها.
(الفقه الميسر قسم العبادات 98)
إذا كانت الجبيرة تتجاوز قدر الحاجة فماذا يفعل ؟
يمسح عليها لكن إن أمكن نزعها بلا ضرر نزع ما تجاوز قدر الحاجة، فإن لم يمكن فقيل يمسح على ما كان قدر الحاجة ويتيمم عن الزائد. وهو المذهب عند الحنابلة.
والراجح أنه يمسح على الجميع بلا تيمم؛ لأنه لما كان يتضرر بنزع الزائد صار الجميع بمنزلة الجبيرة، وهذا هو اختيار الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
(الفقه الميسر قسم العبادات 98)
ذكر بعض الأحكام المتعلقة بالجبيرة
١- يجوز المسح على العصابة واللصوق أو ما يوضع على الجروح مما يمنع وصول الماء (كما ذكرنا آنفا).
٢ - العضو الذي عليه جبيرة أو عصابة ونحوه مما يسوغ ستره به ليس فيه إلا المسح فقط، فإن أضره المسح مع كونه مستورًا فيعدل إلى التيمم؛ كما لو كان مكشوفا.
۳ - هل يجب الجمع بين المسح والتيمم ؟
قال بعض العلماء: يجب الجمع بينهما احتياطا، والصحيح أنه لا يجب الجمع؛ لأن إيجاب الطهارتين لعضو واحد مخالف للقواعد الفقهية. انظر: «المغني» لابن قدامة (1/ 357)
هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أهم المراجع: الفقه الميسر قسم العبادات للأستاذ عبد الله محمد الطيار, مدار الوطن - الرياض, الطبعة الرابعة 2018 مـ
كتبه الفقير إلى الله: براسيتيو أبو كتب
3 شعبان 1445